بونتيس- رونالدو، السعودية، وتطوير كرة القدم للمستقبل

المؤلف: حوار: أمل إسماعيل10.30.2025
بونتيس- رونالدو، السعودية، وتطوير كرة القدم للمستقبل

يمتلك المدرب البرتغالي القدير، ليونيل بونتيس، دفة القيادة الفنية لفريق شنغهاي شينهوا الصيني الأول لكرة القدم، وسيرة ذاتية حافلة بالإنجازات، انطلاقًا من معاقل تكوين الناشئين في البرتغال، وصولًا إلى قيادة أندية مرموقة في قارات أوروبا، آسيا، وإفريقيا.

بونتيس، ذو الثالثة والخمسين ربيعًا، استهل رحلته المهنية في أكاديمية سبورتنج لشبونة المرموقة، حيث قضى ما يناهز عقدًا من الزمن في رحابها، باذلًا جهودًا مضنية في صقل مهارات جيل واعد من اللاعبين الشباب، من بينهم الأسطورة كريستيانو رونالدو، القائد الحالي لفريق النصر السعودي. بعد ذلك، تقلد منصب المدرب المساعد للفريق الأول لمدة أربعة مواسم زاهرة.

في مرحلة لاحقة، التحق بالجهاز الفني للمنتخب البرتغالي تحت إمرة المدرب القدير باولو بينتو، مساهمًا بفاعلية في وصول الفريق إلى الدور نصف النهائي من بطولة أمم أوروبا 2012، فضلًا عن التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2014.

لم يقتصر مشوار بونتيس على ذلك، بل تنقل بين محطات تدريبية متنوعة، بدءًا من قيادة نادي ماريتيمو البرتغالي، مرورًا بنادي بانتليكوس اليوناني، وصولًا إلى الاتحاد السكندري المصري في موسم 2015ـ2016.

في هذا الحوار الصريح والمطول مع صحيفة «الرياضية»، يزيح بونتيس الستار عن تفاصيل تجربته الثرية مع نجوم كرة القدم العالميين، وعلى رأسهم كريستيانو رونالدو، ويشاركنا رؤيته الثاقبة لتطوير كرة القدم السعودية، معبرًا عن إعجابه الشديد بالدوري السعودي للمحترفين، وطموحاته المستقبلية التي لا تحدها حدود.

  1. ما طبيعة العلاقة التي تجمعك بالأسطورة كريستيانو رونالدو؟

    لقد حظيت بشرف عظيم يتمثل في تدريب كريستيانو رونالدو خلال فترة بداياته المشرقة، تحديدًا من سن 13 عامًا وحتى بلوغه 17 عامًا، وذلك في أكاديمية سبورتنج لشبونة. كنت شاهدًا عن كثب على تطوره الملفت للنظر، وتلقيت منه دروسًا قيمة في الالتزام والتفاني والطموح اللامحدود. كان كريستيانو، حتى في تلك المرحلة العمرية المبكرة، يمتلك شغفًا استثنائيًا بكرة القدم، وإصرارًا منقطع النظير على تحقيق التفوق والتميز.

    1. كيف تنظر إلى واقع كرة القدم السعودية في الوقت الراهن؟

      أتابع عن كثب فعاليات الدوري السعودي للمحترفين باهتمام بالغ وإعجاب جم. وجود لاعبين سبق لي الإشراف على تدريبهم، مثل كريستيانو رونالدو في صفوف النصر، ودانيلو بيريرا في فريق الاتحاد، يخلق رابطًا وجدانيًا عميقًا بيني وبين هذا الدوري المثير. الدوري السعودي يشهد قفزات نوعية ونموًا مطردًا، مدعومًا باستثمارات ضخمة تهدف إلى تحسين البنية التحتية، وتطوير الملاعب ومراكز التدريب وفق أحدث المعايير العالمية، واستقطاب كوكبة من النجوم العالميين اللامعين. هذا الطموح الكبير، الذي تعززه استضافة المملكة لنهائيات كأس العالم، يضاعف من جاذبية الدوري وقدرته التنافسية، ويهيئ الأرضية الخصبة لظهور جيل جديد من اللاعبين والمحترفين على مستوى عالمي رفيع.

    2. ما هي السبل الكفيلة بتحقيق هذا التقدم المنشود؟

      التقدم المنشود يتطلب إيلاء اهتمام خاص بالفئات السنية الشابة، وذلك من خلال توسيع قاعدة المشاركة وزيادة عدد اللاعبين الممارسين، وتحسين البيئة التنافسية المحفزة على التطور والإبداع. هذا النهج الشامل يسهم في بناء هوية كروية وطنية راسخة، تعكس ثقافة كرة القدم السعودية الأصيلة، وتدعم تطور اللاعبين منذ نعومة أظفارهم.

    3. ما هو الفريق السعودي الذي يثير إعجابك بشكل خاص؟

      أكنّ محبة خاصة لنادي النصر العريق، ليس فقط لوجود الأسطورة كريستيانو رونالدو بين صفوفه، بل أيضًا بسبب وجود اللاعب السابق الذي أشرفت على تدريبه، خوسيه سيميدو. تأثير هذين اللاعبين على الفريق وعلى الدوري السعودي بأكمله لا يمكن إنكاره، حيث يضفيان لمسة من الجودة العالية والروح التنافسية المميزة.

  2. ما هي الآليات التي يمكن للمدرب من خلالها تطوير قدراته وصقل مهاراته باستمرار؟

    تطوير المدرب يعتمد في جوهره على التعلم المستمر والبحث الدؤوب عن المعرفة. أنا شخصيًا أتابع الدوريات العالمية الكبرى بشكل يومي ومنتظم، ليس بدافع الشغف وحب كرة القدم فحسب، بل كجزء لا يتجزأ من عملي. أقوم بتحليل التوجهات التكتيكية الحديثة، والأنظمة التدريبية المبتكرة، والسلوكيات الفردية للاعبين في أقوى البطولات، وذلك بهدف البقاء دائمًا في صدارة التطورات الكروية المتسارعة.

    1. من هو اللاعب السعودي الذي تعتبره الأفضل في الوقت الحالي؟

      سالم الدوسري، نجم فريق الهلال، هو الأفضل في نظري دون أدنى شك. يتمتع بذكاء تكتيكي استثنائي، وقدرة فائقة على اتخاذ القرارات الحاسمة في اللحظات المصيرية، بالإضافة إلى شجاعته النادرة ووعيه التام بما يدور حوله داخل أرضية الملعب.

    2. ما هي أبرز الاختلافات بين كرة القدم في قارتي آسيا وأوروبا؟

      يكمن الاختلاف الجوهري في الثقافة الكروية الراسخة والتاريخ العريق. في أوروبا، كرة القدم متجذرة بعمق في المجتمع، حيث تمتلك الأندية تاريخًا يمتد لأكثر من قرن من الزمان، وتوفر بيئة تنافسية عالية المستوى للاعبين منذ سن مبكرة. أما في آسيا، والسعودية على وجه الخصوص، فهناك وفرة في المواهب الشابة واستثمارات مالية ضخمة، لكن غالبًا ما ينقصها العامل الزمني والتأسيس المبكر الذي يعتبر مفتاحًا أساسيًا لبناء أبطال المستقبل. أنا على ثقة تامة بأن السعودية قادرة على أن تصبح قوة كروية عالمية مرموقة مع استمرار هذه الجهود الحثيثة.

    3. ما هي توقعاتك للمنتخب السعودي في مشواره نحو التأهل لكأس العالم عبر الملحق؟

      لا تزال الفرص سانحة أمام المنتخب السعودي للتأهل إلى نهائيات كأس العالم، لكن تحقيق هذا الهدف المنشود يعتمد بشكل كبير على التحكم النفسي للاعبين، وقدرتهم على التعامل مع الضغوط الهائلة. جودة اللاعبين المتاحة، والعمل الاحترافي للجهاز الفني، وبناء ثقافة كروية متكاملة تبدأ من الهواة وتنتهي بالمحترفين، كلها عوامل حاسمة في تحديد مصير المنتخب. أتمنى من صميم قلبي أن ينجح المنتخب السعودي في تحقيق حلم التأهل وإسعاد الجماهير المتعطشة للإنجازات.

  3. إذا تسلمت مهمة تدريب المنتخب السعودي، فما هي أول خطوة ستقوم بها؟

    ستكون أول خطوة أقوم بها هي تعلم اللغة العربية، ليس فقط لتسهيل التواصل مع اللاعبين والإداريين، بل لفهم الروح الحقيقية لكرة القدم السعودية وثقافتها العريقة. بعد ذلك، سأعمل جاهدًا على تطوير نموذج لعب موحد لجميع الفئات العمرية في المنتخب، وذلك بهدف بناء هوية كروية قوية ومميزة. سأتعاون بشكل وثيق مع جميع مدربي المنتخبات الوطنية لاكتشاف المواهب الشابة ورعايتها، وسأقوم بإنشاء هياكل متكاملة للاستكشاف والتحليل والأداء والصحة. سأعزز التواصل الفعال مع الأندية والجماهير، وسأنظم معسكرات تدريبية مكثفة للاعبين الموهوبين، مع التأكيد الدائم على أن نجاح المنتخب يعتمد بشكل أساسي على التعاون الوثيق والبناء مع الأندية.

    1. ما مدى صحة الأنباء التي تحدثت عن تلقيك عرضًا لتدريب أحد الأندية السعودية؟

      في الوقت المناسب، سأتحدث عن أي عروض تلقيتها بكل وضوح وشفافية واحترام. في الوقت الحالي، ينصب تركيزي الكامل على عملي الحالي مع فريق شنغهاي شينهوا الصيني.

    2. في عالم كرة القدم، ما هو العنصر الأكثر أهمية لتحقيق النجاح: موهبة اللاعب، المدرب الكفء، أم الإدارة الناجحة؟

      جميع هذه العناصر الثلاثة مترابطة ومتكاملة، ولا يمكن الاستغناء عن أي منها لتحقيق النجاح. كرة القدم هي في الأساس لعبة جماعية، لا يمكن لأي فرد أن يفوز أو يخسر بمفرده. الأهم هو وجود هدف واضح ومحدد، والعمل المنظم والدؤوب على جميع التفاصيل، بدءًا من الأمور الكبيرة ووصولًا إلى الصغيرة، وذلك من أجل تحقيق النجاح المنشود.

    3. ما هي النصيحة التي توجهها إلى مسؤولي كرة القدم السعودية للارتقاء بمستوى اللعبة إلى آفاق أرحب؟

      أوصيهم بالتعامل مع كرة القدم كـ "مشروع وطني" طويل الأمد. يجب عليهم الاستثمار بكثافة في تدريب المدربين وتأهيلهم، وجعل المدارس شريكًا فاعلًا في اكتشاف المواهب الشابة ورعايتها. حافظوا على الاحترافية العالية من خلال الوفاء بالعقود والالتزامات، وشجعوا ممارسة كرة القدم للجميع: رجالًا ونساءً وأطفالًا، في القرى والمدن على حد سواء. الأهم من كل ذلك هو وضع خطة استراتيجية طويلة المدى، فالموهبة تحتاج إلى وقت لكي تنمو وتزدهر، ولكنها قد تتلاشى وتختفي بسرعة إذا أُهملت ولم تحظ بالرعاية والاهتمام اللازمين.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة